كتب الدكتور علاء احمد القضاة عضو القطاع الشبابي في حزب الشراكة و الانقاذ
بعد ٣ سنوات من العمل الجادّ والهمّ المُشترك، والإسهامات الكبيرة التي قدمها جميع أعضاء الحزب، فإنه يحقُّ لنا أن نقول بأن الحزب استطاع تجاوز أكبر تحدٍّ كان يُهدّده، والذي راهنت قوى الشد العكسي كثيراً على أن يكون عاملاً من عوامل التفجير الداخلي، فإذا به من أهم نقاط قوّة الحزب التي جعلته مشروعاً جادّاً يفتح أبوابه للأردنيين الشرفاء من شتّى خلفياتهم الفكرية والسياسية والعملية..
لقد راهن أعداء الحرية على أن الحزب سيدخل في أزمة ذاتية ناتجة عن التنوع الكبير في خلفيّات المنتسبين إليه، والفسيفساء الواسعة التي ظنوا أنها ستكون عامل تأزيم، فإذا هي تتحوّل إلى عامل غنىً وثراء وتجدد وتلاقح للخبرات، ذلك أن جميع من جاء إلى هذا الحزب، وعلى رأسهم أعضاء المكتب التنفيذي، قد وضعوا إنجاح المشروع نصب أعينهم، وذللوا جميع العقبات أمام ذلك بحكمةٍ وتروٍّ وهدوء واتزان منقطع النظير، فحاول أعداء الحرية اللعب على هذا الوتر بصراحة، ومحاولة إحداث استقطاب بين أعضاء الحزب على أساس الخلفية الفكرية، فقطع عليهم الحزب الطريق، واستطاع أعضاء الحزب التماسك والتعاضد وتجاوز حالة التجمع من مشارب شتّى وانصهروا في بوتقة واحدة هي بوتقة الشراكة والإنقاذ، وبوتقة الحركة الوطنية الأردنية..
ثم حاول أعداء الحرية ضرب الصورة الوطنية الجامعة للحزب، من خلال الضغط على أعضاء الحزب ممن لهم أصول غرب أردنية، من خلال اعتقالهم والضغط عليهم لمنع الحزب من الظهور بصورة الحزب الوطني الجامع، ولجعله يبدو بمظهر عنصريّ، وأن يمنعوه من الوصول إلى نصف الشعب الأردني، لإضعافه تدريجياً ومنعه من التأثير، فاستطاع أبناء الحزب بصمودٍ كبير وعزم وصدق أن يُبطلوا ألاعيبهم وأن يفسدوا مخططاتهم، وتنبهوا لهذا الموضوع في لحظة مُبكّرة.
ثم راهن أعداء الحرية على أن الحزب سينفجر مع الانتخابات النيابية، وسيتشقق نتيجة الخلافات التي تترتب على اختلاف وجهات النظر من المشاركة أو المقاطعة، إلا أن الديمقراطية الداخلية للحزب، والقيادة الحكيمة، والروح العالية لدى الأعضاء، ونضج الحوارات الداخلية، استطاعت أن تبقي الحزب قوياً في وجه هذا المحكّ، وبهذا فإن الحزب قد تجاوز أهم ثلاث عقبات في طريقه، والتي سيستطيع بعدها أن يستمر في صعوده المستمرّ كمظلّة تجمع الأحرار وتنسق جهودهم للوصول إلى أردنّ أفضل..
كل ما سبق، نبّه أعداء الحرية إلى خطر هذا الحزب الوطني عليهم، والذي بات يغذ الخطى سريعاً نحو خطف الأضواء، والتصدر على الساحة السياسية ، بعدما رسموا للأحزاب في مخيلة الناس صورةً كرتونية، تفقدهم الأمل بأي عمل سياسي أو حزبي، وتبعث اليأس والإحباط في قلوب الناس، فجاء الشراكة والإنقاذ ليكنس جميع هذه التصورات الباطلة، والمشاريع المنفوخة بالهواء، ويعيد الأمل للناس بأن الميدان السياسي الذي تم إفساده وتجريفه، ما زال هو ميدان التغيير الأساسي، وأن الوطن مليءٌ بالأحرار والحرائر، المستعدين للتضحية الصادقة في سبيل رفعة أوطانهم، صورةٌ حاولت خفافيش الظلام أن تجعلها ضرباً من الأحلام في مخيلة الشعب، فجاء الشراكة والإنقاذ ليعيد تجديد العهد مع الشعب، ويوقظ هذه الصورة من جديد على أرض الواقع.
إن ما ميز هذا الحزب حقيقةً، أنه حزب جامع، استطاع تذويب جميع الاختلافات بين الأعضاء وجمع كلمتهم على المبادئ السبعة عشر التي يتفق عليها كل حر وشريف..
فهو ليس حزباً إسلامياً ولكنه يتقاطع مع الإسلاميين في الاعتزاز بالانتماء للحضارة الإسلامية واحترام قيم المجتمع الأردني، في الوقت الذي يؤكد فيه على ضرورة المراجعة والنقد الذاتي، وخلع قيود الطاعة العمياء وتغليب التنظيم الشبكي المرن على التنظيم الهرمي البيروقراطي الذي يجعل الحركة ثقيلة والقرارات متأخرة، فيأخذ من تجربة الحركات الإسلامية خير ما فيها، ويتجاوز عن المشاكل التي فيها.
وهو ليس حزباً عسكرياً، ولكن أعضاءه يتقاطعون مع العسكرية من ناحية التزامهم واستعدادهم لبذل الغالي والنفيس، والتضحية في سبيل أوطانهم، في الوقت الذي يؤكد فيه على ديمقراطيته الداخلية التي تجعل جميع أعضاء الحزب شركاء في صناعة القرار، وشركاء في المشروع.
وهو ليس حزباً قومياً، ولكنه يتقاطع مع القومية في اعتزازه بانتمائه إلى العمق العربي، ويرى الأردنّ جزءاً لا يتجزأ من نهضة عربية شاملة، ويؤمن أن العرب إخوة في الدم واللغة والمصير، ويرى في التجارب النهضوية العربية والثورات الشعبية مَعيناً يستفيد منه، وفي النخب العربية الحُرّة حُلفاء طبيعيين له، إلا أنه يؤمن بأن الساحة الأردنية هي أولويتنا التي نستطيع من خلالها بناء الدولة الراشدة الديمقراطية، التي تستطيع بعد ذلك تصدير مشروع الحرية والكرامة إلى الإقليم من موقعٍ أقوى وأفضل.
وهو ليس حراكاً، فهو يتقاطع مع الحراك في الاشتباك مع قضايا الناس، وحمل همومهم وقضاياهم، وجعل القضايا الوطنية أولوية، إلا أنه يزيد على ذلك درجةً في التنظيم وتنسيق الجهود، والعمل على تحضير برامج حقيقية، ورجال دولة حقيقيين يكونون على أهبة الاستعداد حينما تتاح لهم الفرصة لخدمة أوطانهم..
وبهذا فإن تقسيمات أعضاء الحزب، باتت شيئاً من الماضي، فنحن هُنا نصنع لأنفسنا ولوطننا مشروعاً ومستقبلاً جديداً، على حجم شعبنا العظيم، وعلى قدر وطننا الأشمّ، مشروعاً يستفيد من نقاط القوة في التجارب التي سبقته، ويتجاوز نقاط الضعف فيها، مشروعاً للشراكة مع الجميع، ولإنقاذ الوطن وتخليصه وتحصينه ضد الفساد والمفسدين، وهذا هو السرّ الذي جعل حلّ الحزب ضرورةً قصوى وعاجلة!